ديما مسموع

تجسيد حكومة العسكر في الجزائر من خلال استقبال ابطال العرب شنقريحة اكبر من تبون

 

مولاي احمد الجعفري

بقصر المرادية تم صباح اليوم استقبال الفريق الجزائري الفائز بكأس العرب التي احتضنتها قطر مؤخرا ، خلال هذا الاستقبال و الاحتفاء بالفريق الجزائري امام وفد هام تقدمه الرئيس الفعلي للجزائر الفريق شنقريحة و الرئيس المعين من قبل العسكر الصوري تبون و وزراء الحكومة العسكرية ، إضافة إلى شخصيات عسكرية اخرى في ثوب مدني ، الفريق الجزائري قدم الكأس لرئيسه الفعلي أولا قبل ان يسلمها هذا الأخير للرئيس الصوري ، في صورة تجسد حقيقة الحكم العسكري في دولة يطالب فيها الحراك الذي امتد لسنوات بحكم مدني .
في وقت يحاول فيه الجزائريون بانتفاضتهم السلمية إقامة دولة القانون الديمقراطية التي سيكون فيها الجيش مجرد مؤسسة من مؤسسات الجمهورية، يعتقد رئيس الأركان الفريق سعيد شنقريحة أن الجيش مؤسسة فوق الشعب وفوق الدولة كما يظهر من موقفه السلبي حيال الحراك الشعبي ومطالب الملايين من المتظاهرين الذين باتوا يعتقدون أنه هو خصمهم وهو من يحمي النظام كما بينته اللافتات والشعارات المرفوعة ضده في المسيرات الأخيرة.
وبات الجزائريون مقتنعين بأن المؤسسة العسكرية، على الأقل بقيادة سعيد شنقريحة، ولئن تنازلت بعض الشيء تحت ضغط ثورة الابتسامة، فهي غير مستعدة للتنازل الكلي عن وصايتها السياسية على الشعب الجزائري، ولن ترافق كل مطالبه لأنها غير قادرة بنيويا اليوم على التنازل عن امتيازاتها الخاصة نظرا لسيطرتها التاريخية على أغلب مفاصل الدولة السياسية والاقتصادية وتشابك علاقاتها مع بعض الأحزاب السياسية كحزب جبهة التحرير الوطني وبعض رجال الأعمال، دون نسيان التأثيرات الخارجية بطبيعة الحال.
فلا الظروف مواتية ولا القيادة مناسبة ولا البسيكولوجيا مهيّأة لتحدث القطيعة ويعود الجيش الجزائري إلى ثكناته ومهامه كمؤسسة دستورية تحافظ على أمن الوطن من غير أن تمارس عليه أدنى أبوية.
الصورة اساءت كثيرا للشعب الجزائري الذي لا حول ولا قوة له امام الوضع المفروض عليه من قبل قوى أجنبية بحكم عسكري امتد لعقود منذ استقلال الجزائر.
ولا تزال مقولة محمد حربي مؤرخ الثورة الجزائرية صالحة إلى اليوم “الجزائر ليس بلدا يملك جيشا، وإنما الجيش هو الذي يحتل الدولة”. وذلك رغم شبه القطيعة مع ما كان سائدا قبل انتفاضة عام 1988، إذ جاءت في المادة 25 من دستور 1989 المعدل محاولة ولو محتشمة للتخفيف من تدخل الجيش “تنتظم الطاقة الدفاعية للأمة، ودعمها، وتطويرها، حول الجيش الوطني الشعبي. تتمثل المهمة الدائمة للجيش الوطني الشعبي في المحافظة على الاستقلال الوطني، والدفاع عن السيادة الوطنية كما يضطلع بالدفاع عن وحدة البلاد، وسلامتها الترابية، وحماية مجالها البري والجوي، ومختلف مناطق أملاكها البحرية.
منذ أن احتل جيش الحدود البلد مع فجر الاستقلال بقوة السلاح بعدما انقلب على حكومة مدنية هي “حكومة الجمهورية الجزائرية المؤقتة” والجزائر تعيش تحت نظام منغلق لا يعير كبير اهتمام لمسألة التداول على الحكم التي لم تكن مدرجة في جدول أعماله على الإطلاق. ولم تكن المجموعة المهيمنة تنظر إلى المدنيين، ذوي الخبرات التقنية أو الثقافية، سوى من زاوية استغلالهم كواجهة لإخفاء الحكم العسكري. حيث استطاع العسكر توضيف ازلامه إعلاميا من خلال مجموعة من القنوات و المحطات و المواقع الإلكترونية، مع تسخير ميزانيات كبرى من مالية الشعب الجزائري لاطفاء نوع من المصداقية على الحكم العسكري بالحارة الشرقية .
فمخاطبة الشعب او استقبال المنتخب الذي يمثل الشعب من صلاحيات الرئيس وإن كان الجميع يعلم أنّ السيد ” تبون ” مُجرد ديكور؛ واحترام الدستور ولو شكلياً كان يقتضي أن يتم تمرير “الأوامر” العسكرية والقرارات التي يتخذها الجنرالات على لسان الرئيس الصُّوري وليس على لسان قائد الجيش؛ ولكنهم لم يفعلوا ذلك إمّا بسبب عقلية “الثكنات”، أو احتقاراً للشعب الجزائري وحِراكه، أو استهزاءً بالدستور والقوانين عموماً، فالقانون الوحيد الذي يحترمه العسكر هو ميزان القُوة والسلاح. والصورة صحبة المقال ابلغ من التعبير عن الوضع بالجارة الشرقية .

اترك رد

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد