ديما مسموع

املشيل من زاوية أخرى..بعيون 340 يوم الباقية…

بقلم حميد الشابل من املشيل
بعد توقف دام لسنتين متواليتين بسبب جائحة كورونا، فعاليات املشيل تعود من جديد، وقبل أن نسترسل في هذا السوق السنوي، ماذا نعرف عن املشيل؟؟
املشيل، بلدة قصِيَة، تتربع بين ثنايا جبال الأطلس الشرقي الكبير. تحيط بها أحزمة جبلية مُقفرة حيث البِطالة تضرب اطنابها، الفقر يعشش في أغلب مداشرها، وحيث الهشاشة تبرز في أعمق تجلياتها، طرق ملتوية، بعضها مهترئ تملؤه الحفر والمطبات، وتساقط الاحجار، لا طرق سيار، ولا سريعة، لا أنفاق، لا معامل، لا جامعات بالجوار، ولا مشاريع ضخمة تنتشل المواطن مما هو فيه، فقط نسب عالية من الأمية، الهدر والانقطاع المدرسي، البرد القارس، أمراض وموت الحوامل…
ايام الخميس، الجمعة، السبت 22/23/24 شتنبر 2022 كل الطرق تؤدي الى املشيل اما باقي شهور السنة فقــريــة املشيل منسية لأزيد من 340 يوم ولا احد يسأل عن حاجة أحد…!
املشيل هذه الأثناء على كل لسان، تظهر على الشاشات بعناوين عريضة، وعلى رؤوس الجرائد الورقية والمواقع الالكترونية والقنوات العالمية.
كان مصدر عيش ساكنة املشيل الى وقت قريب يقتصر على الزراعة المعيشية، – أما الآن فلا تكفي حتى لمؤونة أسبوع – وعلى تربية الماشية التي قٓلَــت وتقل اعداد رؤوسها عام بعد عام، ولا شيء آخر غير قمم الجبال الجرداء بسبب الجفاف وجشع الإنسان.
رغم قساوة مناخ هذه الربوع، أضف عليها التهميش وقلة الحيلة، تتميز ساكنة املشيل بالبساطة، الجود، الكرم، وابتسامة تعلو الوجوه على طــول، وكيفما كانت الظروف.
يهاجر معظم شباب المنطقة للعمل بمدن الشمال، والجنوب خاصة تطوان، طنجة، أكادير و الداخلة، من أجل البحث عن اللقمة الحلال التي تقيــهم ذل السؤال، وتدفع عنهم العوز، والمهم تنسيهم الوعود الكاذبة، لتنمية طال انتظارها، وقد لا تاتي على الأقل في المستقبل المنظور.
تبقى املشيل منطقة عبور، لا غير، فحتى أغلب الموظفين والموظفات العاملين بها في الإدارة، التعليم، الصحة، وغيرها من الخدمات العمومية يغادرون في أول فرصة تتاح. اما عائلاتهم والأقارب فتستغل فترة الموسم لزيارة المكان، شراء (تسبــنيت وفي أحسن الأحوال تحنديرت نموزون) وسماع موسيقى وأهازيج المنطقة التي تتغنى بما آلت اليه اوضاع البِلاد والعباد، والتي تُـناجي القدير سُقيا رحمة وصلاح الحال والأحوال.
لن نخوض في ميزانيات المهرجان، ولا في التسميات التي عليها خلاف، ولا عن الفرق الموسيقية المشاركة، ولا عن الأسطورة التي بسببها تكونت البحيرتين (العريس والعروسة)، ولا عن متى كانت البداية؟؟ بيد اننا وعن سابق اصرار، سنخوض عن نصيب هذه الربوع التي قاومت الاستعمار من التنمية ومن ثروات البلاد..؟؟
سنخوض عن حقها في العدالة المجالية، وعن حق التشغيل، حق السكن اللائق، حق الصحة، حق التعليم، وعن فك العزلة…؟؟
ما من شك أن شهرة مهرجان املشيل بلغت الأفاق، وهو من اهم المواسم الوطنية التي تحضى برعاية رسمية، وزارية، جهوية، إقليمية ومحلية. و هو مقصد القريب والبعيد، ومن دول شتى، وفيه تعرف المنطقة رواجا اقتصاديا منقطع النظير، خصوصا أثناء انعقاذه..
ولكن ماذا عن باقي ايام السنة..!؟
ما من شك انه فرصة عظيمة تُـقضى فيه مآرب شتى، تنتعش فيه السياحة، وتباع فيه المنتوجات المحلية على قلتها وبساطتها. والثابت تتخلخل فيه عقول الفِتيان، والفتيات من صدمة الواقع المعيش ومظاهر الآتي من خارج البلدة…
جميل ان نسعى لتنظيم الفعاليات الثقافية، الفنية الرياضية… ولكن الأجمل، بالموازاة ان نقدم الخدمات الأساس، ان نبني الأنسان القوي المعتز بانتمائه للوطن، وان نسعى لتحقيق العدالة…

اترك رد

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد