ديما مسموع

الدار البيضاء : فاتح دجنبر موعد مع التقشف في استخدام المياه وتخفيض الصبيب..

أمام وضعية الإجهاد المائي التي يعرفها المخزون الإستراتيجي لمدينة الدار البيضاء، عمّمت شركة “ليديك” المفوض لها تدبير القطاع إخباراً على البنايات السكنية من أجل الحرص على تشغيل جهاز رفع ضغط الماء (surpresseur) ابتداءً من فاتح دجنبر، بما من شأنه تجنب أي اضطراب في التزود بالماء الشروب.
المعطيات المتوفرة لنا والتي تفيد بأن هذا الجهاز يفترض أن تتوفر عليه العمارات التي تتجاوز خمسة طوابق، حيث يضمن الحفاظ على الضغط الكافي للماء؛ وذلك في سياق توجه السلطات العمومية نحو تخفيض صبيب المياه في الفترة الليلية.
ويأتي هذا القرار في ظل الوضعية المائية الحرجة التي قد تعرفها العاصمة الاقتصادية في حال استمرار موسم الجفاف، ما دفع شركة “ليديك” إلى اعتماد مخطط أعمال وافقت عليه السلطات العمومية قبل أشهر، يرمي بالأساس إلى ضبط وعقلنة ضغط الماء في الشبكة، سواء بالليل أو النهار.
الشركة سالفة الذكر دعت الزبائن، في بيان سابق، إلى تبني “روح السلوك المدني والمسؤولية”، مؤكدة أهمية “الاعتماد على سلوكيات إيكولوجية بسيطة من شأنها المحافظة على هذا المورد الحيوي”، ومشددة كذلك على أن “الأمر يتعلق بسياق استثنائي ذي صلة بتراجع مخزون الموارد المائية”.
هذه الوضعية بالنسبة إلى المجلس الجماعي لمدينة الدار البيضاء “ضرورية” من أجل الحفاظ على المخزون المائي، تبعاً لمصدر مسؤول في الجماعة، أكد لنا أن “المدينة لم تشهد أي انقطاع في الماء الشروب طيلة مواسم الجفاف الماضية”، لكنه أوضح أن “الساكنة ليست واعية بمخاطر الوضعية الحالية في ظل استمرار تبذير المياه”.
وتأتي المياه التي توزعها “ليديك” في الدار البيضاء الكبرى من مصدرين رئيسين؛ هما سد سيدي محمد بن عبد الله على وادي أبي رقراق، الذي يؤمن 55 بالمائة من الاحتياج المحلي، وسد المسيرة الواقع على وادي أم الربيع الذي يوفر بدوره 45 بالمائة المتبقية من احتياجات مياه الشرب للمحيط الإداري المفوض.
وانطلاقا من الوضعية المائية الحالية، تفيد معطياتنا بأن الاحتياطي المائي بسد سيدي محمد بن عبد الله لا يتعدى 25 بالمائة، فيما لم يتبق بسد المسيرة سوى 3.7 بالمائة، وهو معدل تعبئة حرج لم يتم الوصول إليه من قبل، علما أن متوسط استهلاك المياه في الدار البيضاء يقدر بـ600000 متر مكعب في اليوم الواحد.
لذلك، أعلنت شركة “ليديك” عن مخطط أعمال عملياتي يشمل التذكير بالموارد المائية المتوفرة، وتعزيز منظومة تدبير احتياطي الماء خلال الفترة المقبلة من خلال تعديل تعليمات الضغط والصبيب وتقليص ضياع الماء، فضلا عن تدعيم منظومة التحسيس بالمحافظة على الموارد المائية.
وفي السياق نفسه، تشتغل الشركة بمعية جماعة مديونة على مشروع يتعلق باستعمال المياه المصفاة في محطة تصفية المياه العادمة لمديونة، بما من شأنه سقي المساحات الخضراء الموزعة على عدة فضاءات عمومية بالدار البيضاء.
تعليقا على ذلك، قال فؤاد العمراوي، الأستاذ بكلية العلوم بالدار البيضاء، رئيس جمعية البحث والعمل من أجل التنمية المستدامة، إن “سد المسيرة بلغ وضعية حرجة، ما دفع المجلس الجماعي إلى الاعتماد على سد سيدي محمد بن عبد الله الذي انخفض منسوبه أيضا في الأشهر الأخيرة”.
وأضاف العمراوي، في تصريح له، بأن “شركة ليديك لجأت إلى تخفيض صبيب المياه نظرا لوضعية الإجهاد المائي بالمدينة”، مبرزاً أن “سكان الدار البيضاء يعتقدون أن أزمة المياه تخص المناطق البعيدة فقط، ما يجعل أغلبهم لا يحافظون على المياه في المنازل”.
وواصل المتحدث شارحاً بأن “تخفيض صبيب المياه أحسن من قطعها، مثلما وقع بعدة مدن في فصل الصيف، حيث سيقتصر الأمر على الفترة الليلية فقط”، مشيراً إلى أن “المغاربة يعيشون سنة استثنائية أخرى بسبب تداعيات الجفاف، ما يستلزم الحفاظ على الموارد المائية من الجميع، بما يشمل المواطن والشركات والضيعات والمؤسسات”.

اترك رد

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد