عبدالله صالحي
“يا جارتاه أراك خُنْتِ الموعدا***ونسيتِ هاتيك المواقفَ واليدا…” نعم جارتنا التي وضعها القدر بجانبنا وطالما فتحنا لها قلوبنا وعاملها بحسن النوايا و الجوار، هاهي تخون الموعد من جديد، ونسيت المواقف واليد الممدودة دوما إليها من طرف المغرب .
“مرحبا” هو الشعار الذي وضعته لجنة تنظيم بطولة إفريقيا للاعبين المحليين التي تقام بالجزائر خلال الفترة من 13 يناير إلى 4 فبراير القادم كشعار رسمي للبطولة، لكن هذا الشعار لا يُجسِّد الحقيقة مطلقا عندما يتعلق الأمر بالمغرب الذي سيشارك كبطل للنسختين السابقتين لهذه البطولة.
المغرب جعل كرامته وعزة نفسه فوق كل اعتبار واختار الانسحاب من هذه البطولة المشبوهة والمسيّسة بعيدا عن كل روح رياضية ،فَكُرة القدم خلقت لتوحّد لا لتفرّق وهو عكس ما تسعى الجزائر لتكريسه في هذه النسخة.
خيرا فعل المغرب وهو من عبّر عن حسن نيته في المشاركة حتى آخر لحظة، حينما خاض لاعبوه معسكرا تدريبيا وأجروا لقاءً وديا مع المنتخب الإثيوبي استعدادا لهذه البطولة، قبل الذهاب إلى المطار، وانتظار ترخيص “استثنائي” يسمح لهم بالعبور نحو قسنطينة عبر الخطوط الملكية المغربية الراعي الرسمي لرحلات المنتخب الوطني، وهذا ما عاينه رئيس الفيفا أنفانتينو ورئيس الاتحاد الأفريقي موتسيبي لما قدِما إلى الرباط لحضور أشغال قرعة مونديال الأندية.
المغرب كباقي المنتخبات المشاركة هو ضيف هذه البطولة، لكن الجزائر أرادت من الضيف الكبير الذي شَرَّف الكرة الأفريقية والعربية أن يدخل من النافذة الخلفية عوض الباب الكبير وهو ما يتنافى مع التقاليد العربية والاسلامية، فالاسلام يدعونا إلى إكرام الضيف … فكيف ستكون مشاعر الضيف حين تعامله بإهانة عكس الضيوف الآخرين .. كلنا يعرف بطبيعة الحال أن هذه ليست من شِيم الشعب الجزائري الحر، لكن مُكرهٌ أخاك لابطل ،فنحن لم نطالبهم بفتح أجوائهم للطيران المغربي، بل كل ما طلبناه هو السماح لطائرة منتخبنا المحلي بالدخول “استثناءً” الى الجزائر حتى يشارك وهو معتاد في كل البطولات، لكن تعنّت مسؤولي الجارة الشرقية أفسد للود قضية، وحرمونا من الدفاع عن لقبنا القاري، ليوقع البلد المنظم بنفسه على فشل هذه النسخة قبل أن تبدأ.
إن راحة وسلامة الوفد المغربي لايمكن أن نساوم عليه مطلقا، وقطعاً لم ولن ننسى ما حدث من تعنيف للاعبي المنتخب الوطني لأقل من 17عقب نهائي بطولة العرب بالجزائر ، وقبلها ما تعرّض له الوفد المغربي المشارك في ألعاب دورة البحر الأبيض المتوسط المقامة بوهران الجزائرية الصيف الماضي من قلة احترام مع كل عزْفٍ وترديد للنشيد الوطني
على أي قدّم المغرب للكاف شكواه بعد حرمانه من الدفاع المشروع عن لقبه القاري، وفُتِح تحقيق في ما حدث من خلط للسياسة بالرياضة أمام مرأى ومسمع الجميع خلال حفل افتتاح البطولة، وكان حضور منتخب المغرب سيعطي للبطولة قيمة أكبر، وغيابه سؤثر سلبا على سمعة البطولة وستكون أقل متابعة من النسخ السابقة(جماهيريا واعلاميا) بالنظر للأداء والمستوى الذي قدمه المنتخب الوطني الأول في كأس العالم الأخيرة بقطر، وستكون حتما أسوأ نسخة في التاريخ وهو ما قد يعجل بنهايتها، لتكون الجزائر بتصرفاتها الرعناء هي من أجهزت على بطولة كأس أفريقيا للاعبين المحليين(الشان) التي لاتزال في مهدها.