ديما مسموع

الثلوج على الجبال.. الأمل والألم.. .

بعد انتظار طويل، الثلوج ترجع مرة أخرى إلى الجبال وتُرصَِع أغلب قمم الأطلسين المتوسط والكبير بلون البياض. معطى أدخل الفرحة والانشراح في قلوب الساكنة وأعطى أملا مستحقا، خاصة للفلاَحة والكسَابة في تباشير موسم فلاحي جيد وواعد، بعد الخسائر الكبيرة المتوالية التي لحقتهم لسنوات، جراء القحط والجفاف الذي خيَم طويلا.
كما هو معلوم، تُصاحب هذه التساقطات الثلجية، موجة صقيع قاسية، تنتج عنها معانات لا حصر لها، يُؤدي ثمنها غاليا فئات اجتماعية هشة. من شيوخ، عجائز، رُضَع، أطفال، مرضى، نساء حوامل..، وهم مواطنون ومواطنات يحملون نفس البطاقة الوطنية التي يحملها كل المغاربة. إلا أن نصيبهم من التنمية، قد يكون أقل من الصفر، وأحيانا كثيرة، حتى تغطية الهاتف النقال لا تصلهم، بما فيها ذبذبات الإذاعة ولا اشارات التلفزة.
مواطنون شرفاء ساهموا في استقلال البلاد، يحبون وطنهم، يشاركون في الانتخابات، ومع ذلك مازال البعض منهم يسكن الخيام والكهوف، وفي أحسن الأحوال منازل طينية مهترئة، او ما يسمى بالقصور و المداشر، وهي تجمعات سكانية قائمة الذات، بلا قنوات صرف صحي، بلا مراحض، بلا ماء صالح للشرب ولا شبكة إنارة خارجية ولا كهرباء…
مغاربة بعيدون عن الإدارة، بعيدون عن مصانع طنجة ومعامل الدار البيضاء. لا مدخول قار لهم. أنهكهم الغلاء، الفقر، غياب فرص العمل، وقلة الحيلة. نمط عيشهم التقليدي تغيَر، فأدخلهم عنوة في طريقة حياة مغايرة لما اعتادوا عليه. فلا هم استفادوا من التطور المزيف الذي يسمعون عنه. ولا هم بقوا في دائرة الأمان التي كانوا عليها منذ عقود..!!
ولا ننسى أيضا تغييبهم من مخططات الاستفادة الحقيقية من مقدرات الوطن تحت يافطة ما يسمى:
الاستراتيجية الوطنية لتنمية ساكنة الأحزمة الجبلية والتي تتردد على ألسن المسؤولين لأكثر من عقد من الزمن..!!

عودة إلى الخبر أعلاه والذي نسمعه في أغلب نشرات الأخبار:
” من المنتظر أن تسجل حسب توقعات الأرصاد الجوية في اليومين القادمين، مستويات قياسية في العديد من الأقاليم المعروفة ببرودتها في هذا الوقت من السنة على سبيل المثال لا الحصر:
الأحزمة الجبلية التابعة للنفوذ الترابي لميدلت، افران، أزيلال، تنغير…وقد تصل البرودة في بعض المناطق إلى أكثر من 8 درجات تحت الصفر. وفي كل سنة وفي هذا الوقت بالتحديد يعاني المواطن في هذه الربوع المنسية والمهمشة الأمرَين، حيث لا يعرفون كيف السبيل لتأمين لقمة العيش لهم ولماشيتهم المنهكة؟؟ (التي هي عبارة عن رؤوس ماشية معدودة لا تسمن ولا تغني من جوع )
وفي نفس الوقت من أين لهم البحث عن حطب التدفئة؟؟ في جبال جرداء، أنهكتها أيادي العبث، التي نجحت في اجتثات ما تبقى من أشجار الأرز والبلوط المعمرة، والتي كانت لوقت قريب تملأ المكان، وكانت جذوعها وأغصانها الجافة واليابسة، تفي بالغرض وتزيد.
سكان الجبال المنهكون، يتساءلون كل سنة:
أين وصلت مخططات الإستفادة من فرص التنمية المستدامة بهذه الجبال؟؟
حميد الشابل

اترك رد

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد