صوتكم – متابعة حميد الشابل –
تتواجد ينابيع تطوين سفح جبل العياشي 27 كلم عن مركز مدينة ميدلت. الطريق صوبها سالكة معبدة. أقل من نصف ساعة من الزمن كافية لتصل الى الموقع الذي كان يوما من الأيام جنة خضراء بكل ما تحمل الكلمة من معنى. وكانت تحيط بها الغابة والحقول من كل جانب. وتتوسطها الى بداية تسعينيات القرن الماضي بحيرة سد تطوين العامرة بالماء البهية، الجميلة، والتي كانت تضج بأنواع كثيرة من الكائنات الحية المائية المتنوعة، ومن ابرزها السلمون الجبلي او ما يسمى ب La truite.
سد تطوين شيـده الاستعمار الفرنسي في منتصف القرن الماضي لتشغيل المحطة الكهرمائية فليلو لتزويد مناجم احولي وميبلادن بالكهرباء، وقِيل ايضا ترضية لبعض القبائل الأمازيغية التي تزاوا الأنشطة الفلاحية على طول السفوح الشمالية لتطوين، لغاية في نفس يعقوب قضاها الاستعمار كعادته.
كانت قمم جبل العياشي في ذلك الوقت تبقى مكسوة بالثلوج ومرصعة بالبياض على طول السنة بما فيها شهري يوليوز وغشت. وكانت غابة الجبل والمنحدرات، التلال والهضاب خضراء، كثيفة تزهو بمختلف أنواع الأعشاب والأحراش، وكانت صعبة الإختراق. وحسب بعض الشهادات الشفوية المتواترة كانت أشجار البلوط والأرز المعمرة والباسقة، تتربع على عرشها، كما كانت الغابة مرتعا لمختلف انواع وحوش الغاب، وعلى رأسها اسد الأطلس ونمر الأطلس المنقرضين للأسف. ومن الشواهد على ذلك اماكن بعينها تحمل اسماءها الى اليوم. على سبيل المثال لا الحصر (بويزماون+ أوجا نيزم.. وغيرهما كثير)
رغم عوادي الزمن ورغم ما لحق الموقع من تخريب وطمر بحيرة السد جراء اجتثاث الغابة وتوالي سنوات الجفاف… لازالت تطوين تحتفظ بعذوبة مائها الزلال، طبيعتها الخلابة، هدوءها الفريد وألقها الساحر.
تتخلل طول الطريق من مركز مدينة التفاح الى منطقة تطوين مناظر طبيعية ولا أروع ولا أجمل… بدءا من المرج الأخضر لسمورة، مرورا ببرم، منتجع فليلو السياحي وصولا الى حقول تطوين المترامية على جنبات الوادي….
تطوين لوحات طبيعية فنية بديعة من صنع الخالق قل نظيرها باقليم ميدلت، بل بجهة درعة تافيلالت.
دعوة للحفاظ على هذا الموقع الايكولوجي البهي، والى حمايته من مختلف الأخطار التي تتهدده خاصة السلوكات الطائشة لبعض الزوار والمصطافين..