ركَـب الأعداد بانتباه، سمع رنين الهاتف، يرنَ مرارا وتكرارا، ولا أحد يجيب..!!
أعاد الكٓرَة مرة ثانية، ثالثة، ولا مُجيب..، انتظر لحظة، لحظات دون فائدة.
قال في نفسه:
ربما يصلي، او في الحمام او ربما مشغول بخدمة الوطن، من يدري!؟
اتصل به من جديد، انتظر ساعة، ساعات… علَـه يرُد او يتصل، عندما يَطَلع على المكالمة.. لكن دون جدوى..!! تيقن انه تعمَد عدم الـرد…!!
رنَ الهاتف، نظر مباشرة في الشاشة لمعرفة هوية المتصل..؟
أجاب هذه المرة بسرعة:
نعم…نعم …مرحبا، مرحبا… بيد أنه مرات عديدة قلما يجيب. وأحيانا يترك الهاتف يرن ويرن، في وضعية الصامت او يــغلقه بالمرة خوفا من الإزعاج. (كما يقول) رنين الهاتف لا يتوقف، ولطالما كان المتصل (اصحاب حاجتهم لا غير..!!)
مٓن مِنَا لم يتعرض بشكل شبه اعتيادي لمثل هكذا مواقف…!؟
من منا لم يكن يوما ما في أمس الحاجة لإجراء محادثة إلا أنها لم تنجز بالسلاسة المطلوبة…؟؟
صار التعامل مع الهاتف دُربة، فن وفي الكثير من الأحيان تحكمه المنفعة، ونوع المكالمة والمتصل. وبالفعل أصبح التواصل مع الأخرين يتعقد، وقد يزداد صعوبة وتعقيدا في المستقبل…!
نعيش عصر السرعة والتكنولوجيا وتعدد وسائل التواصل والاتصال، فقد صار الهاتف الذكي جزء أصيلا من حياتنا، لا يكاد يفارقنا بل نتيه، ونحس بالضياع اذا ما نسيناه في المنزل او في مكان العمل، حتى ولو لدقائق، استلب العقول، واستحوذ على التفكير ، والطامة ان الانسان يتلذذ إلى ان يتبدد ..! فقد قلب المجتمع عمليا وعلنيا رأسا على عقب، استعبد الناس بشكل رهيب، وانتج عبودية جديدة، طوعية من نوع آخر.
جهاز انشغل به الصغير قبل الكبير، المرأة قبل الرجل، الكل مطأطأ الرأس، ومنهمك في البحت عن سراب، عن مخرج المتاهة، ولا مخرج..!!
غرق الجميع في هذا العباب حتى الأذنين، عُباب غريب عجيب يتطور بشكل مهول، والخطير علاوة على هذا ان الاستيلاب يزداد والغرقى يزدادون في كل ثانية…
ويبقى هاتف المسؤول يٓـرن ويـرِن ولا مـــــن يُجيب…!؟
حميد الشابل